الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال **
المجلد الخامس بسم الله الرحمن الرحيم اعلم رحمك الله أن بعض ما يتعلق بخلافته وشمائله وسيرته ذكرته في كتاب الفضائل من حرف الفاء وبعض خطبه ومواعظه ذكرته في كتاب المواعظ من حرف الميم 14040- {مسند الصديق} عن أم هانيء أن فاطمة قالت: يا أبا بكر من يرثك إذا مت قال: ولدي وأهلي، قالت: فما شأنك ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم دوننا؟ قال: يا ابنة رسول الله، والله ما ورثته ذهبا ولا فضة ولا شاة ولا بعيرا ولا دارا ولا عقارا ولا غلاما ولا مالا، قالت: فسهم الله الذي جعله لنا وصافيتنا (أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى باب ذكر ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ترك (2/314) ص) التي بيدك، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن النبي يطعم أهله ما دام حيا، فإذا مات رفع ذلك عنهم وفي لفظ: سمعته يقول: إنما هي طعمة أطعمنيها الله، فإذا مت كانت بين المسلمين. (ابن سعد) (صافيتنا: الصفي: ما كان يأخذه رئيس الجيش ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل القسمة، ويقال له: الصفية. والجمع الصفايا. النهاية (3/40) ب). 14041- عن أبي سعيد الخدري قال: قال أبو بكر: ألست أحق الناس بها؟ ألست أول من أسلم؟ ألست صاحب كذا؟ ألست صاحب كذا؟ (ت (أخرجه الترمذي كتاب المناقب باب في مناقب أبي بكر وعمر رقم (3667) وقال: غريب. ص) والبزار حب وأبو نعيم في المعرفة وابن منده في غرائب شعبة ص د). 14042- عن عبد الملك بن عمير عن رافع الطائي رفيق أبي بكر في غزوة ذات السلاسل قال: سألتهم عما قيل في بيعتهم، فقال وهو يحدثهم عما تكلمت به الأنصار وما كلمهم به وما كلم به عمر بن الخطاب الأنصار وما ذكرهم به من إمامتي إياهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فبايعوني لذلك، وقبلتها منهم وتخوفت أن تكون فتنة تكون بعدها ردة. (حم) قال ابن كثير: إسناده حسن، قال الحافظ ابن حجر في أطرافه: أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في مسند عمر من تأليفه في ترجمة أبي بكر وعمر. 14043- عن طارق بن شهاب عن رافع بن أبي رافع قال: لما استخلف الناس أبا بكر، قلت: صاحبي الذي أمرني أن لا أتامر على رجلين، فارتحلت فانتهيت إلى المدينة فتعرضت لأبي بكر، فقلت له يا أبا بكر أتعرفني؟ قال: نعم؟ قلت: أتذكر شيئا قلته لي أن لا أتأمر على رجلين، وقد وليت أمر الأمة؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض والناس حديث عهد بكفر فخفت عليهم أن يرتدوا وأن يختلفوا فدخلت فيها وأنا كاره، ولم يزل بي أصحابي، فلم يزل يعتذر حتى عذرته. (ابن راهويه والعدني والبغوي وابن خزيمة). 14044- عن ابن عباس قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر خاصم العباس عليا في أشياء تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر شيء تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يحركه فلا أحركه، فلما استخلف عمر رضي الله عنه اختصما إليه، فقال: شيء لم يحركه فلست أحركه، قال: فلما استخلف عثمان اختصما إليه فأسكت (فأسكت: أي أعرض. النهاية (2/383) ب) عثمان ونكس (ونكس: نكست الشيء أنكسه نكسا: قلبته على رأسه فانتكس ونكسته تنكيسا والناكس: المطأطئ رأسه. الصحاح للجوهري (2/983) ب) رأسه، قال ابن عباس: فخشيت أن يأخذه فضربت بيدي بين كتفي العباس، فقلت: يا أبت أقسمت عليك إلا سلمته لعلي قال: فسلمه له. (حم والبزار) وقال: حسن الإسناد. 14045- عن عاصم بن كليب قال: حدثني شيخ من قريش من بني تيم قال: حدثني فلان وفلان فعد ستة أو سبعة كلهم من قريش منهم عبد الله بن الزبير قال: بينا نحن جلوس عند عمر إذ دخل علي والعباس فارتفعت أصواتهما، فقال عمر: مه يا عباس قد علمت ما تقول تقول: ابن أخي ولي شطر المال، وقد علمت ما تقول يا علي، تقول: ابنته تحتي ولها شطر المال، وهذا ما كان في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رأينا كيف كان يصنع فيه فوليه أبو بكر من بعده فعمل فيه بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وليته من بعد أبي بكر وأحلف بالله لأجهدن أن أعمل فيه بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل أبي بكر، ثم قال: حدثني أبو بكر وحلف بالله إنه لصادق: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن النبي لا يورث وإنما ميراثه لفقراء المسلمين والمساكين وحدثني أبو بكر وحلف بالله إنه لصادق، قال: إن النبي لا يموت حتى يؤمه بعض أمته، وهذا ما كان في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد رأينا كيف كان يصنع فيه فإن شئتما أعطيتكما لتعملا فيه بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل أبي بكر حتى أدفعه إليكما قال: فخلوا ثم جاءا فقال العباس: ادفعه إلى علي فإنه قد طبت نفسا به له. (حم). 14046- عن قيس بن أبي حازم قال: إني جالس عند أبي بكر الصديق بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهر فذكر قصة فنودي في الناس أن الصلاة جامعة وهي أول صلاة في المسلمين نودي فيها أن الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر شيئا صنع له كان يخطب عليه وهي أول خطبة خطبها في الإسلام قال فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس ولوددت أن هذا كفانيه غيري ولئن أخذتموني بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ما أطيقها إن كان لمعصوما من الشيطان وإن كان لينزل عليه الوحي من السماء. (حم). 14047- عن قيس بن أبي حازم قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها: زينب فرآها لا تتكلم فقال: ما لها لا تتكلم؟ فقالوا: حجت مصمتة فقال لها: تكلمي فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية فتكلمت، قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم، قالت: وما الأئمة؟ قال: أما كان لقومك رؤس وأشراف يأمرونهم ويطيعونهم؟ قالت: بلى، قال: فهم أمثال أولئك يكونون على الناس. (ش خ والدارمي ك ق). 14048- عن ابن أبي مليكة قال: قيل لأبي بكر: يا خليفة الله فقال: لست خليفة الله ولكني خليفة رسول الله، وأنا راض بذلك. (ش حم وابن سعد وابن منيع) (أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/183) ص). 14049- عن خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، قال: حدثني أبي أن أعمامه خالدا وأبانا وعمرو بن سعيد بن العاص رجعوا عن أعمالهم حين بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: ما أحد احق بالعمل من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: لا نعمل لأحد فخرجوا إلى الشام فقتلوا عن آخرهم. (أبو نعيم كر). 14050- عن الحسن أن أبا بكر الصديق خطب فقال: أما والله ما أنا بخيركم ولقد كنت لمقامي هذا كارها، ولوددت أن فيكم من يكفيني أفتظنون أني أعمل فيكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن لا أقوم بها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعصم بالوحي، وكان معه ملك، وإن لي شيطانا يعتريني فإذا غضبت فاجتنبوني أن لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم (أشعاركم: الشعر واحد الأشعار، والشاعر جمعه الشعراء على غير قياس الصحاح للجوهري (2/699) ب. أبشاركم: البشرة والبشر: ظاهر جلد الإنسان.انتهى.الصحاح للجوهري (2/590). ب) ألا فراعوني، فإن استقمت فاعينوني وإن زغت فقوموني قال الحسن: خطبة والله ما خطب بها بعده. (ابن راهويه أبو ذر الهروي في الجامع). 14051- عن أبي بصرة قال: لما أبطأ الناس عن أبي بكر قال: من أحق بهذا الأمر مني؟ ألست أول من صلى ألست ألست ألست فذكر خصالا فعلها مع النبي صلى الله عليه وسلم. (ابن سعد (أول الحديث: "قال أخبرنا شعبة عن الجريري قال..." ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/182) ص) وخيثمة الاطرابلسي في فضائل الصحابة). 14052- عن علي بن كثير قال: قال أبو بكر لأبي عبيدة: هلم أبايعك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك أمين هذه الأمة، فقال أبو عبيدة: ما كنت لأفعل أن أصلي بين يدي رجل أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمنا حتى قبض. (ابن شاهين وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات كر). 14053- عن جابر قال: أتيت أبا بكر أسأله فمنعني، ثم اتيته أسأله فمنعني، ثم أتيته أسأله فمنعني فقلت: إما تبخل وإما تعطي؟ فقال: أتبخلني وأي داء ادوأ من البخل، ما أتيتني من مرة إلا وأنا أريد أن أعطيك. (ش خ م والمحاملي في أماليه ق). 14054- أخبرنا معمر عن الزهري عن كعب بن عبد الرحمن بن مالك عن أبيه قال: كان معاذ بن جبل رجلا سمحا شابا جميلا من أفضل شباب قومه وكان لا يمسك شيئا فلم يزل يدان حتى أغلق ماله كله من الدين فأتي النبي صلى الله عليه وسلم يطلب له أن يسأل له غرماه أن يضعوا له فأبوا فلو تركوا لأحد من أجل أحد تركوا لمعاذ من أجل النبي صلى الله عليه وسلم، فباع النبي صلى الله عليه وسلم كل ماله في دينه، حتى قام معاذ بغير شيء، حتى إذا كان عام فتح مكة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على طائفة من اليمن أميرا ليجبره، فمكث معاذ باليمن أميرا وكان أول من اتجر في مال الله هو، ومكث حتى أصاب وحتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدم قال عمر لأبي بكر: أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه وخذ سائره، فقال أبو بكر: إنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليجبره، ولست بآخذ منه شيئا إلا أن يعطيني، فانطلق عمر إلى معاذ إذ لم يطعه أبو بكر فذكر ذلك عمر لمعاذ فقال: إنما أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجبرني ولست بفاعل، ثم لقي معاذ عمر فقال: قد اطعتك، وأنا فاعل ما أمرتني به، إني رأيت في المنام أني في حومة ماء قد خشيت الغرق فخلصتني منه يا عمر، فأتى معاذ أبا بكر فذكر ذلك له وحلف له أنه لم يكتمه شيئا حتى بين له سوطه، فقال أبو بكر: والله لا آخذه منك قد وهبته لك فقال عمر: هذا حين طاب وحل، فخرج معاذ عند ذلك إلى الشام، قال معمر: فأخبرني رجل من قريش، قال: سمعت الزهري يقول: لما باع النبي صلى الله عليه وسلم مال معاذ أوقفه للناس، فقال: من باع هذا شيئا فهو باطل. (عب وابن راهويه). 14055- عن الشعبي قال: قال أبو بكر لعلي: أكرهت إمارتي؟ قال: لا قال أبو بكر: إني كنت في هذا الأمر قبلك. (ش). 14056- عن عمر مولى غفرة قال: لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء مال من البحرين فقال أبو بكر: من كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أو عدة فليقم فليأخذ، فقام جابر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن جاءني مال من البحرين لأعطينك هكذا وهكذا ثلاث حثا بيده، فقال له أبو بكر: قم فخذ بيدك فأخذ فإذا هي خمس مائة درهم فقال: عدوا له ألفا وقسم بين الناس عشرة دراهم عشرة دراهم، وقال: إنما هذه مواعيد وعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس حتى إذا كان عام مقبل جاءه مال أكثر من ذلك المال فقسم بين الناس عشرين درهما عشرين درهما وفضلت منه فضلة فقسم للخدم خمسة دراهم خمسة دراهم وقال: إن لكم خداما يخدمون لكم ويعالجون لكم فرضخنا لهم (فرضخنا لهم: رضخ له: أعطاه قليلا. وبابه قطع. المختار من صحاح اللغة (195) ب) فقالوا: لو فضلت المهاجرين والأنصار لسابقتهم ولمكانهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أجر أولئك على الله، إن هذا المعاش للأسوة فيه خير من الأثرة (الأثرة: استأثر بالشيء: استبد به والاسم الأثرة بفتحتين. المختار من صحاح اللغة (4). ولايته: قال ابن السكيت: الولاية بالكسر: السلطان، والولاية بالفتح والكسر: النصرة. المختار (584) ب)، فعمل بهذا ولايته، حتى إذا كان سنة ثلاث عشرة في جمادى الآخرة في ليال بقين منه مات رضي الله عنه فعمل عمر بن الخطاب ففتح الفتوح وجاءته الأموال فقال: إن أبا بكر رأى في هذا المال رأيا ولي فيه رأي آخر لا أجعل من قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم كمن قاتل معه ففرض للمهاجرين والأنصار ومن شهد بدرا خمسة آلاف خمسة آلاف، وفرض لمن كان له إسلام كإسلام أهل بدر ولم يشهد بدرا أربعة آلاف أربعة آلاف، وفرض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم اثنى عشر ألفا اثنى عشر ألفا إلا صفية وجويرية ففرض لهما ستة آلاف ستة آلاف فأبتا أن تقبلا، فقال لهما: إنما فرضت لهن للهجرة فقالتا، إنما فرضت لهن لمكانهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لنا مثله، فعرف ذلك عمر ففرض لهما اثنى عشر ألفا اثنى عشر ألفا وفرض للعباس اثنى عشر ألفا، وفرض لأسامة بن زيد أربعة آلاف وفرض لعبد الله ابن عمر ثلاثة آلاف، فقال: يا أبت لم زدته علي ألفا ما كان لأبيه من الفضل ما لم يكن لأبي، وما كان له ما لم يكن لي، فقال: إن أبا أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك وكان أسامة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وفرض لحسن وحسين خمسة آلاف خمسة آلاف لمكانهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرض لأبناء المهاجرين والأنصار ألفين ألفين، فمر به عمر بن أبي سلمة فقال: زيدوه ألفا فقال له محمد بن عبد الله بن جحش: ما كان لأبيه ما لم يكن لأبينا وما كان له ما لم يكن لنا، فقال: إني فرضت له بأبيه أبي سلمة ألفين وزدته بأمه أم سلمة ألفا فإن كانت لكم أم مثل أمه زدتكم ألفا، وفرض لأهل مكة وللناس ثمانمائة ثمانمائة فجاءه طلحة بن عبيد الله بابنه عثمان ففرض له ثمان مائة فمر به النضر بن أنس فقال عمر: افرضوا له في ألفين فقال طلحة: جئتك بمثله ففرضت له ثمانمائة وفرضت لهذا ألفين، فقال: إن أبا هذا لقيني يوم أحد، فقال لي: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: ما أراه إلا قد قتل، فسل سيفه وكسر غمده، وقال: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل فإن الله حي لا يموت، فقاتل حتى قتل وهذا يرعى الشاة في مكان كذا وكذا فعمل عمر هذا خلافته. (ش والحسن بن سفيان والبزار ق) وروى ابن سعد صدره (روى صدره ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/317) ص). 14057- عن عائشة قالت: لما استخلف أبو بكر قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤنة أهلي، وقد شغلت بأمر المسلمين، فيأكل آل أبي بكر من هذا المال وأحترف للمسلمين فيه. (خ وأبو عبيد في الأموال وابن سعد ق) (أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/185) ص). 14058- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن أبا بكر الصديق قام يوم جمعة، فقال: إذا كان بالغداة فأحضروا صدقات الإبل نقسم ولا يدخل علينا أحد إلا بإذن، فقالت امرأة لزوجها: خذ هذا الخطام (الخطام: الزمام. المختار من صحاح اللغة (141) ب) لعل الله يرزقنا جملا فأتى الرجل فوجد أبا بكر وعمر قد دخلا إلى الإبل فدخل معهما، فالتفت أبو بكر فقال: ما أدخلك علينا؟ ثم أخذ منه الخطام، فضربه، فلما فرغ أبو بكر من قسم الإبل دعا بالرجل فأعطاه الخطام وقال: استقد فقال له عمر: والله لا يستقيد لا تجعلها سنة، قال أبو بكر: فمن لي من الله يوم القيامة؟ فقال عمر: أرضه، فأمر أبو بكر غلامه أن يأتيه براحلة ورحلها وقطيفة وخمسة دنانير فأرضاه بها. (ق) وروى آخره ابن وهب في جامعه. 14059- عن ابن إسحاق قال في خطبة أبي بكر يومئذ وإنه لا يحل أن يكون للمسلمين أميران، فإنه مهما يكن ذلك يختلف أمرهم وأحكامهم وتتفرق جماعتهم، ويتنازعون فيما بينهم، هنالك تترك السنة وتظهر البدعة وتعظم الفتنة، وليس لأحد على ذلك صلاح. وإن هذا الأمر في قريش ما أطاعوا الله واستقاموا على أمره، قد بلغكم ذلك أو سمعتموه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين فنحن الأمراء وأنتم الوزراء إخواننا في الدين وأنصارنا عليه، وفي خطبة عمر بعده نشدتكم بالله يا معشر الأنصار ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من سمعه منكم وهو يقول: الولاة من قريش ما أطاعوا الله واستقاموا على أمره، فقال من قال من الأنصار: بلى الآن ذكرنا، قال: فإنا لا نطلب هذا الأمر إلا بهذا فلا تستهوينكم الأهواء، فليس بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون. (ق). 14060- عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر بن الخطاب وأن محمد بن مسلمة كسر سيف الزبير، ثم قام أبو بكر فخطب الناس واعتذر إليهم وقال: والله ما كنت حريصا على الإمارة يوما ولا ليلة قط ولا كنت فيها راغبا ولا سألتها الله في سر ولا علانية، ولكني أشفقت من الفتنة وما لي في الإمارة من راحة ولكني قلدت أمرا عظيما ما لي به طاقة ولا يد إلا بتقوية الله عز وجل ولوددت أن أقوى الناس عليها مكاني اليوم، فقبل المهاجرون منه ما قال وما اعتذر به، وقال علي والزبير، وما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشاورة، وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه لصاحب الغار وثاني اثنين، وإنا لنعرف شرفه وكبره (وكبره: وكبر أي عظم يكبر بالضم كبرا بوزن عنب فهو كبير، والكبر بالكسر العظمة. وكذا الكبرياء.انتهى.المختار من صحاح اللغة (444) ب) ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حي. (ك هق) (أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب معرفة الصحابة (3/66) وقال: صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي. ص). 14061- عن طارق بن شهاب قال: جاء وفد بذاخة وأسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح فخيرهم أبو بكر بين الحرب المجلية (الحرب المجلية أو السلم المخزية: أي إما حرب تخرجكم عن دياركم، أو سلم تخزيكم وتذلكم. النهاية (1/291) ب) أو السلم المخزية، قال: فقالوا: هذه الحرب المجلية قد عرفناها فما السلم المخزية؟ قال أبو بكر: تؤدن الحلقة (الحلقة: بالتسكين: الدرع. انتهى.الصحاح للجوهري (4/1462) ب. الكراع: في الغنم والبقر بمنزلة الوظيف في الفرس والبعير، وهو مستدق الساق، يذكر ويؤنث، والجمع أكرع. ثم أكارع وفي المثل: "أعطي العبد كراعا فطلب ذراعا" لأن الذراع في اليد وهو أفضل من الكراع في الرجل. الصحاح للجوهري (3/1275). وقال في النهاية (4/165): الكراع: اسم لجميع الخيل. ب) والكراع وتتركون أقواما يتبعون أذناب الإبل حتى يرى الله خليفة نبيه والمسلمين أمرا يعذرونكم به وتدون (وتدون: من الدية واحدة الديات والهاء عوض من الواو، تقول: وديت القتيل أديه دية، إذا أعطيت ديته. واتديت: أي أخذت ديته وإذا أمرت منه للواحد قلت: د فلانا، وللإثنين. ديا فلانا، وللجماعة دوا فلانا. الصحاح للجوهري (6/2521) ب) قتلانا ولا ندي قتلاكم، وقتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، وتردون ما أصبتم منا ونغنم ما أصبنا منكم، قال: فقال عمر: رأيت رأيا وسأشير عليك، أما أن يؤدوا الحلقة والكراع فنعم ما رأيت، وأما أن يتركوا أقواما يتبعون أذناب الإبل حتى يرى الله خليفة نبيه والمسلمين أمرا يعذرونهم به فنعم ما رأيت، وأما ان نغنم ما أصبنا منهم ويردون ما أصابوا منا فنعم ما رأيت، وأما أن قتلاهم في النار وقتلانا في الجنة فنعم ما رأيت، وأما أن يدوا قتلانا فلا قتلانا قتلوا على أمر الله فلا ديات لهم فتتابع الناس على ذلك. (أبو بكر البرقاني ق) قال ابن كثير صحيح وروى (خ) بعضه. 14062- عن الحسن أن أبا بكر الصديق خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن أكيس الكيس التقوى وأحمق الحمق الفجور ألا إن الصدق عندى الأمانة والكذب الخيانة، ألا إن القوي ضعيف حتى آخذ منه الحق، والضعيف عندي قوي حتى آخذ له الحق، ألا وإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، لوددت أن قد كفاني هذا الأمر أحدكم والله إن أنتم أردتموني على ما كان الله يقيم نبيه بالوحي ما ذلك عندي إنما أنا بشر فراعوني، فلما أصبح غدا إلى السوق فقال له عمر: أين تريد؟ قال: السوق؟ قال: قد جاءك ما يشغلك عن السوق، قال: سبحان الله يشغلني عن عيالي، قال: نفرض بالمعروف، قال: ويح عمر، إني أخاف أن لا يسعني أن آكل من هذا المال شيئا فأنفق في سنتين وبعض أخرى ثمانية آلاف درهم، فلما حضره الموت قال: قد كنت قلت لعمر: إني أخاف أن لا يسعني أن آكل من هذا المال شيئا فغلبني، فإذا أنا مت خذوا من مالي ثمانية آلاف درهم وردوها في بيت المال، فلما أتي بها عمر قال: رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده تعبا شديدا. (ق). 14063- عن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر إذا ورد عليه خصم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضى به قضى به بينهم، وإن لم يجد في كتاب الله نظر هل كانت من النبي صلى الله عليه وسلم فيه سنة فإن علمها قضى بها، فإن لم يعلم خرج فسأل المسلمين، فقال: أتاني كذا وكذا فنظرت في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجد في ذلك شيئا فهل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بقضاء؟ فربما قام إليه الرهط، فقالوا: نعم: قضى فيه بكذا وكذا، فيأخذ بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند ذلك: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا، وإن أعياه ذلك دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على الأمر قضى به وإن عمر بن الخطاب كان يفعل ذلك فإن أعياه أن يجد في القرآن أو السنة نظر هل كان لأبي بكر فيه قضاء فإن وجد أبا بكر قد قضى فيه بقضاء قضى به وإلا دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم واستشارهم فإذا اجتمعوا على الأمر قضى بينهم. (الدارمي ق). 14064- عن أنس قال: لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس إني قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كنت وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهدها إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدبر أمرنا، وأن الله تعالى قد أبقى فيكم كتابه الذي هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثاني اثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة، ثم تكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال أما بعد أيها الناس، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح (أريح عليه حقه: يقال: أرحت على الرجل حقه، إذا رددته عليه. الصحاح للجوهري (1/368) ب) عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، وأطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله. (ابن إسحاق في السيرة) قال ابن كثير: إسناده صحيح (في البداية والنهاية لابن كثير (5/248) و (6/301) ص). 14065- عن ابن عمر قال: لم يجلس أبو بكر في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر حتى لقي الله، ولم يجلس عمر في مجلس أبي بكر حتى لقي الله ولم يجلس عثمان في مجلس عمر حتى لقي الله. (طس). 14066- عن أبي هريرة قال: والذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر استخلف ما عبد الله، ثم قال الثانية، ثم قال الثالثة، فقيل له: مه يا أبا هريرة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه أسامة بن زيد في سبع مائة إلى الشام، فلما نزل بذي خشب (ذي خشب: بضمتين، وهو واد على مسيرة ليلة من المدينة. النهاية (2/32) ب) قبض النبي صلى الله عليه وسلم وارتدت العرب حول المدينة واجتمع إليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: رد هؤلاء توجه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة فقال: والذي لا إله إلا هو لو جرت الكلاب بأرجل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما رددت جيشا وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حللت لواء عقده، فوجه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام. (الصابوني في المائتين ق في كر) وسنده حسن. 14067- عن عطاء بن السائب قال: لما بويع أبو بكر أصبح وعلى ساعده أبراد (أبراد: البرد من الثياب جمعه برود وأبراد.انتهى.المختار من صحاح اللغة (35) ب) وهو ذاهب إلى السوق، فقال عمر: أين تريد؟ قال: السوق قال: تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ فقال عمر: انطلق يفرض لك أبو عبيدة، فانطلقا إلى أبي عبيدة فقال: أفرض لك قوت رجل من المهاجرين ليس بأفضلهم ولا بأوكسهم وكسوة الشتاء والصيف إذا أخلقت (أخلقت: أي أبليت، يقال: خلق الثوب: بلي، وبابه سهل وأخلق أيضا مثله. المختار (146) ب) شيئا رددته وأخذت غيره، ففرضا له كل يوم نصف شاة وما كساه في الرأس والبطن. (ابن سعد) (أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/184) ص). 14068- عن ميمون بن مهران قال: لما استخلف أبو بكر جعلوا له ألفين فقال: زيدوني، فإن لي عيالا وقد شغلتموني عن التجارة فزادوه خمس مائة. (ابن سعد) (أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/185) ص). 14069- عن عائشة أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله على رسوله، وفاطمة حينئذ تطلب صدقة النبي صلى الله عليه وسلم التي بالمدينة وفدك (فدك: اسم قرية بخيبر. الصحاح للجوهري (4/1620). خيبر: موضع بالحجاز يقال: "عليه الدبرى وحمى خيبرى".انتهى.الصحاح للجوهري (2/642) ب)، وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث، ما تركناه صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال يعني مال الله، ليس لهم أن يزيدوا على المأكل، وإني والله لا أغير صدقات النبي صلى الله عليه وسلم، عن حالها التي كانت عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل النبي صلى الله عليه وسلم فيها فعمل، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت (فوجدت: وفي حديث الإيمان "إني سائلك فلا تجد علي" أي لا تغضب من سؤالي. يقال: وجد عليه يجد وجدا وموجدة. النهاية (5/155) ب) فاطمة على أبي بكر من ذلك، فقال أبو بكر: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، فأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الصدقات، فإني لا آلو (آلو: الأول: الرجوع، ومنه حديث خزيمة السلمي "حتى آل السلامي" أي رجع إليه المخ. النهاية (1/81) ب) فيها عن الحق، وإني لم أكن لأترك فيها أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته. (ابن سعد حم خ م د ن ابن الجارود أبو عوانة حب ق) (أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/315). ومسلم في صحيحه كتاب الجهاد والسير باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "لانورث ما تركنا..." رقم (1759). ص). 14070- عن الشعبي قال: لما مرضت فاطمة أتاها أبو بكر الصديق فاستأذن عليها فقال علي: يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت أتحب أن آذن له؟ قال: نعم، فأذنت له فدخل عليها يترضاها، وقال: والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ورسوله ومرضاتكم أهل البيت. (ق) وقال هذا مرسل حسن بإسناد صحيح.
|